من مفهوم الأمّة إلى مفهوم الدّولة

الملخص

مرّ تأسيس الأمّة في الحقبة المبكرة للدعوة المحمدية بمرحلتين أساسيتين: مكية ومدنية. فأما المكية؛ فهي مرحلة تكوين الجماعة الروحية التي يرتبط أفرادها ببعضهم البعض بآصرة الإيمان بالله وبرسوله وبالوحي المنزل. وأما المرحلة المدنية؛ فهي الفترة الزمنية التي تم فيها تأسيس دولة المؤمنين من أنصار ومهاجرين حيث تبلورت فيها مفاهيم الحقوق والواجبات الدنيوية. فإذا كانت المعاني المختلفة لعبارة الأمّة ضمن فضاء السور المكية تنبثق من طابعها الكلي الذي ينعكس في الدعوة إلى إرساء المبادئ والمثل الأخلاقية العليا النابعة من المخيال الإيماني المرتبط بمبدأ عقيدة التوحيد ومفهوم النفس الجماعية، فإنّ مصطلح الأمّة في المرحلة المدنية سيتخذ طابعًا تنظيميًّا ذا فحوى سياسية، وإن لم يكن ذلك بالمعنى المعاصر للسياسة. يحاول هذا المقال انطلاقًا من منظور تاريخي-إبستمولوجي- إعادة بناء مفهوم الأمّة من خلال تجلياته وتطور مكوناته وعناصره المعرفية، خصوصًا تلك التي تمت بلورتها في الفكر الخلدوني وشكلت بعد ذلك حجر الأساس للخطابين الفلسفي والسياسي المعاصرين.