الأدب في خدمة المؤرّخ/ة: قصَّةٌ قصيرة لمحمود تيمور والعلاقات بين الآباء وبناتهم في مُجتمعات الشَّرق الأوسط
##plugins.themes.bootstrap3.article.main##
##plugins.themes.bootstrap3.article.sidebar##
الملخص
في هذه المقالة سيتم استخدام القصَّة القصيرة المؤثِّرة لمحمود تيمور "نَجِيّةُ بِنْتُ الفقي", كي تكون نموذجًا توضيحيًّا، ونقطة انطلاق لدراسة أنماط العلاقات بين الآباء وبناتهم في المجتمعات الشَّرق أوسطية عبر التأريخ. لا مراء في أنّه يجبُ الحكم على قيمة القصَّة الّتي أمامنا، كأيّ عمل أدبي آخر، بمقاييس فنيَّة بالأساس، ولا يُتوقَّع أن يُشبع هذا فُضول المؤرِّخ/ة الاجتماعي/ة. ومع ذلك فإنَّ النُّصوص الأدبيَّة قد تُضيء بعض جوانب الواقع الاجتماعيّ-الثّقافيّ في العصر الَّذي كُتِبت فيه، أو حتّى قبله. فضلاً عن ذلك، حتّى لو لم يتم تبنّي النهج الاسترجاعيّ بالكامل في دراسة المجتمعات الشرق أوسطيَّة، لا ينبغي أن نرفض مُسبقًا الاستخدام الحَذِر والنّقدي للنُصوصٍ من هذا القبيل على وجه العموم، وللنصوص الأدبيَّة من العصر الحديث على وجه الخُصوص، وكذلك نتائج البحث الأنثروبولوجي، كأحد المُكوِّنات في محاولة الاسترجاع التّاريخيّ.
فإنَّ القصَّة تُعالجُ توتُّرًا بنيويًّا في "العائلة الشّرق أوسطيَّة" في الحاضر والماضي، وتُجسِّد بطريقَةٍ محكمة، لعلّ العمل الفنّي المُتقن وحده قادر عليها، حجم الشحنة العاطفيّة المتعلِّقة بهذا التّوتُّر. تُصوِّرُ القصَّة التّصادُم بين (أ) الغرائز الأبويَّة، في هذه الحالة نجد في المركز الميل الفطريّ لدى الآباء لحماية أولادهم والمساهمة في رعايتهم، وهو ميلٌ يتجلّى في مشاعر المحبَّة، والرّأفة، والتّفهُّم، بل وحتى في القرابة الجسديَّة، وبين (ب) المعايير الاجتماعيَّة المتأصِّلة في المجتمعات الأبويَّة/القائمة على القرابة الدّمويَّة، القبَليَّة الجُذور، الّتي تُلزم الأب بأن يفرض سُلطته في العائلة، لا سيّما على نسائه وبناته لأنّ احترامه في المجتمع يعتمدُ، بشكلٍ تناقُضيّ، على سُلوكهنّ الجنسيّ، وبينهما (ج) منظومة علاقات إسلاميَّة، تتصادم أحيانًا مع العُرف القبَلِيّ الموروث، وأحيانًا تسعى للتّوافق معه وإضعاف فاعليّته، ولكنها تخضع أحيانًا أخرى لهذا الموروث الأبويّ/القائم على القرابة الدّمويَّة.