إطلالةٌ على ظاهرةِ ٱنْقراض ٱللُّغات ومستقبل العَرَبِيَّة

الملخص

هٰذِهِ محاولة لتسليط الضَّوء على ظاهرة قديمة وحديثة، اسمها انقراض (اندثار، موت) اللُّغات، ونادرًا ما يعرف المثقّف العربي عنها شيئًا ذا بال. يعود اهتمامي بِهٰذا الموضوع إلى عقد من الزَّمان تقريبًا، إثر مطالعتي لمقالة قصيرة باللُّغة الفنلنديَّة. شهدت نهاية القرن الماضي اهتمامًا عالميًّا ملحوظًا بِهٰذِهِ الظَّاهرة نتيجةً لوتيرة متسارعة في عمليَّة اندثار اللُّغات، موت لغة كُلّ أسبوعين. هٰذا يعني أَنَّ قرابة نصف لغات العالَم، 3500 لغة، ستندثر حَتَّى نهاية القرن الحادي والعشرين.

طُرحت في هٰذِهِ المقالة مجموعة من الأسئلة والمواضيع، ونوقشت في خلال فترات متنوِّعة بناءً على مصادرَ أجنبيَّة بمعظمها ذُكرت في النَّهاية لمن يودُّ الاستزادة والتَّعمُّق في هٰذا المجال. هٰذا الموضوع لم يحظ حَتَّى الآن بما يستحقُّه من بحث وتحليل باللُّغة العَرَبِيَّة. ما تعريف اللُّغة المنقرضة؟ ما هي العوامل الدَّاخلية والخارجيَّة المؤدِّية في آخر المطاف إلى هٰذا الانقراض؟ قد يكون لِهٰذا الانقراض نفس نتيجة الانتحار، أو القتل وهو بمثابة إفقار حضارة عمرها قرون من الزَّمان (Denison, 1977، المسدي، 2011).

من المحزن التَّنويه بأنَّ هٰذا الانقراض يحدث عادة للشُّعوب الفقيرة والنَّامية، وَالَّتي تكون بالطَّبع في أمسِّ الحاجة لمواردها الثَّقافيَّة وعلى رأسها اللُّغة من أجل الاستمرار في البقاء. أتينا بقائمة مختارة من اللُّغات المحتضَرة في مناطقَ مختلفة في العالَم. لماذا يتوقّف استعمال لغة معيّنة، أو لماذا يهجرها متحدّثوها الأصليُّون، ويتحدّثون بلغة أخرى؟ كما هي الحال لدى قسم كبير من العرب الفلسطينيِّين في إسرائيل. أين يكمن التَّهديد الشَّديد بالاندثار؟ ما العمل من أجل الحفاظ على هٰذِهِ اللّغات؟ هل حياء اللّغة ممكن وكيف؟ ما دَور نفوذ القِوى الاستعماريَّة الأوروبيَّة في غضون القرون الماضية؟ أهناك علاقة بين اندثار لغة ما وبنيتها النَّحويَّة ـ فاعل ففعل فمفعول به؛ فاعل فمفعول به ففعل؛ فعل فمفعول به ففاعل؛ ومفعول به ففاعل ففعل؟ أو هل ثمّة صلة بين التَّعقيد اللُّغويّ والانقراض؟ ما المقصود بالتَّوازن اللُّغوي؟ ما مصير اللّغة العربيَّة المعياريَّة الحديثة (Modern Standard Arabic = MSA)، مثلًا بعد نضوب النَّفط العربي؟ كيف ستكون طبيعة العربيَّة الفلسطينيَّة في إسرائيل في نهاية هٰذا القرن، فيما إذا استمرّت موجة العبرنة والتَّعبرن وتفاقمت؟ بعض الاقتراحات والتَّوصيات من أجل الحفاظ على العربيَّة في الأراضي المقدّسة بخاصّة (مواسي، 2013؛ عطالله، 2004).