يهودا الحريزي كاتب وشاعر ثنائي اللغة في العصور الوسطى
##plugins.themes.bootstrap3.article.main##
##plugins.themes.bootstrap3.article.sidebar##
الملخص
شهدت العلاقات العربية اليهودية ذروتها في الأندلس وتطورات على جميع الأصعدة الثقافية والأدبية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتي بدورها ساهمت في تطوير حياة اليهود في تلك الفترة، وجعلتهم مميّزين عن الأقليات الأخرى تحت الحكم الإسلامي في المغرب العربي. ومن أهم مكوّنات العنصر اليهودي على الأراضي الأندلسية هو الأدب العبري على صنوفاته المختلفة. ويعكف على دراسة هذا الأدب في العصر الحديث باحثون وأكاديميون يهودًا وعربًا، وحتى الآن نشرت أبحاث كثيرة، غنية بالتجديدات والمفاجآت، كشفت النقاب عن طبيعة هذا الأدب وعن الحياة المعيشية لليهود.
لقد ترعرع في ربى الأندلس ومدنها وقراها لفيف من الشعراء اليهود الذين نهلوا من الثقافة العربية، ومارسوا النظم الشعري بالعربية وتحبير القصائد الطوال حتى ليصعب على المرء أن يميّز بينها وبين القصائد العربية الخالصة من ناحية الجودة وحسن السبك والإبداع الجميل.
وقع الأدب العبري تحت تأثيرات جمّة من الثقافة والأدب واللغة العربية، هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى استعان بمواد وموتيفات ذات صلة وثيقة بالتراث اليهودي، وفي مقدمتها كتاب التوراة والأشعار العبرية القديمة.
ومن أهم الموضوعات الأدبية المميزة في ذلك الوقت، المقامات التي كتبها الأدباء اليهود واقتفوا فيها بأساطين المقامات العربية، مثل بديع الزمان الهمذاني وأبي محمد الحريري وغيرهما. ومن أشهر المقاميين العبريين، وله يعود الفضل بإرساء أسس المقامة العبرية، هو يهودا الحريزي. كان الحريزي ضليعًا باللغتين العربية والعبرية، فهو كاتب وشاعر ثنائي اللغة، كتب مقامات بالعربية والعبرية واستطاع المزاوجة بينهما في نفس النصّ. وتهدف هذه الدراسة تسليط الضوء على النتاجات الأدبية، الشعرية والمقامية، التي خطّها الحريزي بالقلم العربي.